وجد علماء الفلك في الجامعة الأسترالية ( ANU ) عن طريق استخدام مرصاد موجات الجاذبية LIGO و VIRGO -في الولايات المتحدة وأوروبا في مايو 2019 -أعظم تصادم يتم اكتشافه حتى هذه اللحظة لثقوب سوداء ضخمة تصل كتلتها إلى 66 و 85 كتلة شمسية والذي أسفر عنه تشكل إشارة موجة مغناطيسية تُدعى – GW190521 – .
لكن هذا ليس السبب الوحيد الذي جعل هذا النظام مثيرا حيث أن حجم الثقب الأسود الأكبر كان غير معقولا وذلك لأن العلماء يتوقعون أن النجوم التي تكون كتلتها ضعف كتلة الشمس ب 65 – 130 مرة تمر بعملية تسمى عدم استقرار الثنائي أو الأزواج مما يؤدي إلى تفجر النجم ، دون أن يترك أي شيء خلفه.
هذا الثقب الأسود الغامض لم يكن ناتجا عن انهيار نجم لذا كيف تم تشكله وما هو السر وراء غموضه؟
أشارت سوزان سكوت أحد المشاركين في هذه الدراسة إلى أن “الثقوب السوداء بطبعها تقم بدور المكنسة في الفضاء وذلك لانها تقوم بشفط كل شيء يقع في طريقها بما في ذلك النجوم والسحب الغازية”، هذا بالإضافة إلى أنها تقوم أيضا بسحب الثقوب السوداء الأخرى لذا من الممكن أن تنمو بشكل اكبر واكبر عن طريق الاندماجات المتكررة مع هذه الثقوب السوداء ، وعلى إثر ذلك من الممكن أن يكون هذا الثقب الأسود الغامض قد تشكل بهذه الطريقة.
تم اندماج هذين الثقبين عندما كان الكون في منتصف عمره الحالي -أي عندما كان عمر الكون 7 مليار سنة – مشكلين بذلك ثقبًا أسودًا ضخما بكتلة تصل إلى 142 ضعف كتلة الشمس، وهو أكبر ثقب أسود تم رصده بواسطة ملاحظات موجات الجاذبية.
يُطلق على الثقوب السوداء التي تكون كتلتها ما بين 100 إلى 100000 كتلة شمسية بالثقوب السوداء ذات الكتلة المتوسطة (IMBHs)، بحيث تكون أثقل من الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية وأخف من الثقوب السوداء الهائلة التي تتمركز في أغلب الأحيان في مركز المجرات ، وتجدر الإشارة إلى أنه لم تكن هناك ملاحظات كهرومغناطيسية مؤكدة لـ IMBHs في نطاق الكتلة ما بين 100 إلى 1000 كتلة شمسية.
أوضح البروفيسور سكوت – كبير الباحثين في مركز التميز ARC لاكتشاف موجات الجاذبية (OzGrav)- أن هذا الثقب الأسود الغامض الذي يرجع تشكيله إلى الاصطدام يقع في صحراء الثقب الأسود بكتلة تتراوح ما بين 100 إلى 1000 ضعف كتلة الشمس.
تشير دراسة أخرى حديثة إلى أن العلماء الذين يستخدمون مرفق Zwicky Transient التابع لمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا قد رصدوا توهجًا ضوئيًا صادرا عن هذا الاصطدام، وهذا يعد أمرا مثيرا للدهشة كون الثقوب السوداء واندماجاتها عادة ما تكون مظلمة في منظور التلسكوبات .
هناك نظرية تشير إلى أن هذا النظام ربما كان يدور حول ثقب أسود هائل وربما يكون الثقب الأسود المتشكل حديثًا قد تلقى ركلة إثر الاصطدام أدت إلى دفعه في اتجاه جديد عبر قرص الغاز المحيط بالثقب الأسود الهائل الأمر الذي بدوره أدى إلى إضائته .
أضاف الباحث في جامعة OzGravpost ، الدكتور فيشالي أديا من ANU ، إلى أنه يوجد “هناك عدد من البيئات المختلفة التي يمكن أن يتشكل فيها هذا النظام المكون من ثقبين أسودين، ومن المؤكد أن قرص الغاز المحيط بالثقب الأسود الهائل من الممكن أن يكون أحد هذه البيئات”.
لكن من الممكن أيضًا أن يتكون هذا النظام من ثقبين أسودين بدائيين تكوّنا في بدايات الكون.
من الجدير ذكره أنه في كل ملاحظة يتم إجراؤها تتعلق بـ تصادم ثقبين أسودين يزداد البنك المعرفي للباحثين حول حياة الثقب الأسود في جميع أنحاء الكون.