في عام 2018، تميز كوكب المريخ بكونه من ألمع النجوم في السماء لدرجة أنه كان ألمع من ثاني أكثر الكواكب إشراقا في المجموعة الشمسية – المشتري – حيث أنه كان يبدو في السماء الليلية كنقطة حمراء متأججة واستمر في ذلك لشهور عديدة. لكن خلال عام 2019 كان هذا الكوكب خافتا ونادرا ما تتم مشاهدته في سمائنا الليلية.
لكن في هذا العام تشهد السماء الليلية لمعان المريخ المتزايد الذي لم يصل بعد إلى درجة لمعان المشتري إلا أنه قريب جدا من الوصول لتلك الدرجة من السطوع خلال منتصف الشهر المقبل – أكتوبر 2020-.
لكن السؤال الوجيه هنا السبب الذي يجعل هذا الكوكب لامعا في سنوات معينة وفي سنوات أخرى يجعله خافتا ولا يمكن رؤيته، ولماذا في هذا الوقت تحديدا أخذ كوكب المريخ باللمعان بشكل ملاحظ جدا ؟
في هذه المقالة سيتم التعرف على السبب وراء الاختلاف في درجات سطوع المريخ في السماء بشكل كبير من سنة إلى أخرى والذي بدوره يجعل الكوكب الأحمر من أكثر الكواكب إثارة. والأهم من ذلك تعلم كيف ترصد هذا الكوكب من هذه اللحظة حتى بقية هذه السنة.
يعد شهر سبتمبر 2020 من أفضل الأوقات للبدء في رصد المريخ، ومن الطبع لن يمكنك الإخفاق بالتعرف على المريخ – كونه يتميز بلمعانه القوي وبلونه الأحمر- الذي سيكون ظاهرا في جهة الشرق بعد وقت قصير من غروب الشمس.
في منتصف سبتمبر، سيبزغ المريخ في جهة الشرق في منتصف المساء – أي بين غروب الشمس وبين منتصف الليل بالنسبة للتوقيت المحلي- وعلاوة على ذلك سيكون في هذا الوقت منافسين شديدين للمريخ في الأفق وهما المشتري وزحل ، الخط الفاصل الذي سيكون بين هذين الكوكبين اللامعين هو المريخ .
بالنسبة لنصف الكرة الشمالي سيكون زحل والمشتري في جهة الجنوب بينما سيكون المريخ متمركزا في الشرق، لا تفوّت فرصة رؤية هذه الكواكب الثلاثة ، بغض النظر عن مكان وجودك على الأرض، ولكن أماكن وجودهم فيما يتعلق بسمائك سيتغير تبعا للمنطقة التي تتواجد بها.
مع مرور الأسابيع ، سيظهر كوكب المريخ مبكرًا حيث أنه بحلول منتصف أكتوبر سيبزغ من الشرق عند غروب الشمس في الغرب. بعد ذلك – خلال الفترة المتبقية من هذا العام – سيكون المريخ في سمائنا عند غروب الشمس، وسيقل سطوعه مع اقتراب العام من نهايته.
يتغير سطوع المريخ في السماء أكثر من أي كوكب ساطع آخر ولهذا السبب تمت تسميته من قبل مراقبوا السماء قديما باسم إله الحرب الذي كان أحيانا ما يستريح وأحيانا يتحول عنيفا.
قبل أن يتم الكشف عن السبب وراء هذا التغير في السطوع للمريخ يجب العلم ان المريخ ليس بذلك الكوكب الضخم حيث أن قطره يبلغ فقط حوالي 6790 كم أي أنه يزيد قليلا عن نصف قطر الأرض .
عندما نقارن المريخ والمشتري – الذي يعد أكبر كواكب المجموعة الشمسية – سنرى أن المشتري دائما يظهر لامعا وذلك بسبب حجمه الكبير.
يدور المريخ حول الشمس بعد خطوة واحدة من دوران الأرض حول الشمس لذا تتغير المسافات بين الأرض والمريخ عندما يدورا حول الشمس حيث نراهما في بعض الأحيان على نفس الجانب من النظام الشمسي وبالتالي بالقرب من بعضهما البعض لكن في بعض الأحيان – كما هو الحال في 2019- ينتقل المريخ إلى الجانب المقابل للأرض في النظام الشمسي.
انظر إلى الرسم البياني أدناه ، والذي يُظهر الأرض ( باللون الأزرق) والمريخ ( باللون الأحمر) في موقع كل منهما في مداراتهما حول الشمس في أكتوبر 2020 بحيث تكون الأرض والمريخ أقرب ما يكون عليه خلال فترة السنتين هذه.
تستغرق الأرض سنة كاملة لتكمل دورتها حول الشمس بينما يستغرق المريخ حوالي سنتين لإكمال دورته حول الشمس، لذا تحدث معارضة المريخ -عندما تمر الأرض بين المريخ والشمس – كل عامين و 50 يومًا. وعلى إثر ذلك ظهور المريخ يتفاوت بلمعانه في سمائنا كل سنتين.
لذا سنة 2018 كانت سنة المريخ الخارقة حيث كان في ألمع حالة له منذ عام 2003 وعندها أطلق علماء الفلك مصطلح ( ظاهرة حضيض المريخ) أي كان في أقرب نقطة له من الشمس في المدار، بمعنى آخر ، في عام 2018 ، كانت الأرض واقعة بين المريخ والشمس – مما جعل المريخ يتعارض مع سمائنا في نفس الوقت تقريبًا الذي كان فيه المريخ قريبا جدا من الشمس.
ربما سنستطيع رؤية ذلك في السنوات التي تمر فيها الأرض بين المريخ والشمس عندما يكون المريخ في أقرب نقطة له من الشمس وبالتالي تكون الأرض والمريخ قريبان من بعضهما جدا .
كانت سنة 2003 السنة السابقة التي شهدت ظاهرة حضيض المريخ حيث كان المريخ يبعد عن الأرض حوالي 55.7 مليون كم من الأرض حيث كان الكوكب الأحمر أقرب من أي وقت مضى من الأرض منذ حوالي 60 ألف عام !
و الآن ستمر الأرض بين المريخ والشمس في 13 أكتوبر 2020 حيث يظهر الكوكب الأحمر حاليا أحمرا ناريا ساطعا في السماء وسيستمر في إطلالته علينا لأسابيع قادمة أخرى.
لذا لا تضيع الوقت وابدأ من الآن برصد المريخ وعندما تصطاده راقبه واستمتع بسطوعه الخلاب.