روعة كوكب الزهرة.. في حال كان كوكبا مائيا

كما نعلم، سطح كوكب الزهرة ساخنا بما يكفي لإذابة الرصاص وغلافه الجوي مليء بالسحب الغنية بحمض الكبريتيك ولا يوجد ماء على سطحه لذا يعتبر هذا الكوكب من أكثر الكواكب في مجموعتنا الشمسية الغير مناسبة أبدا للعيش فيه.

لكن يعتقد العلماء أنه قبل بلايين السنين كان كوكب الزهرة كوكبًا مائيا وربما  كان يتواجد به العديد من المحيطات المشابهة لتلك الموجودة على الأرض لذلك لربما كان هذا الكوكب في يوم من الأيام كوكبا تتواجد به الظروف الحياتية المناسبة، حتى في هذه الأوقات يعتقد بعض الباحثون أن هذا الكوكب ربما يعود في المستقبل كما كان قبل بلايين السنين – كوكبا مائيا-.  

كيف سيبدو الزهرة في حلته المائية ؟ 

أنشأ مستخدم Reddit Dragonite-2 خريطة ، تعتمد على بيانات المركبة الفضائية حول تضاريس كوكب الزهرة ، ونشرها على موقع MapPorn subreddit، توضح هذه الخريطة كوكب الزهرة عندما يصبح عالمًا أكثر شبهاً بالأرض ، مع وجود كمية مماثلة من الماء للأرض. 

تم نشر هذه الخريطة مؤخرا ، فما مدى دقتها وماذا تعرض لنا ؟ 

يعرف كوكب الزهرة بأنه مغطى بالعديد من السحب الكثيفة لذا ليس بالإمكان رؤية سطحه، لكن من الممكن لرادار تابع لمركبة فضائية تدور حول هذا الكوكب أن يخترق غيوم الكوكب الأمر الذي بدوره سيسمح للعلماء برسم خرائط للمرتفعات والمنخفضات الموجودة على سطح هذا الكوكب. 

وعلى إثر ذلك أصبح للزهرة تضاريس معروفة مكّنت Dragonite-2 من إنشاء خريطة افتراضية للزهرة كعالم مائي بحيث تبين لنا سلاسل جبال الزهرة والبراكين والتكوينات شبه القارية وغيرها من المناطق السطحية. 

و بالاعتماد على معلومات Dragonite-2 تم التوصل إلى أنه في حال كان لدى الزهرة كمية مياه مماثلة لتلك الموجودة على الأرض فسيضم هذا الكوكب قارة كبيرة في نصف الكرة الشمالي مقاربة لحجم أستراليا والتي تعد أعلى نقطة في الزهرة وأطلق عليها العلماء اسم أرض عشتار، وسيضم أيضا قارة أخرى كبيرة تتواجد على سطح هذا الكوكب تُدعى أفروديت تيرا تقع على طول خط استواء الزهرة ولها حجم مقارب لقارة أمريكا الجنوبية.   

وتعرض هذه الخريطة أيضا قارات وجزر صغيرة منتشرة في جميع أنحاء المحيطات المنتشرة في كوكب الزهرة على افتراض أنه كوكبا مائيا. 

وصف مايك براون في كتابه الذي تم نشره مؤخرا في 29 أغسطس 2020 ( Inverse) خريطة كوكب الزهرة الافتراضية مقتبسا الكثير من الأستاذ المساعد في علوم الكواكب في جامعة كارولينا الشمالية – بول بيرن – الذي أخير براون بأن هذه الخريطة دقيقة إلى حد ما بحيث أنه تم اتخاذ نموذج الارتفاع الرقمي الواقعي لكوكب الزهرة وأضاف مستوى سطح البحر إليه. 

تستند خريطة Dragonite-2 على بيانات المركبة الفضائية حيث تم الحصول على معظم معلوماتها حول ما يكمن تحت السحب الكثيفة لكوكب الزهرة من خلال بعثتي مسبار الفضاء السوفيتي 16و Venera 15   والمركبة الفضائية الأمريكية Pioneer Venus و Magellan خلال الفترة من 1978 إلى 1994.
يتوفر اليوم معلومات وافية حول 98٪ من سطح كوكب الزهرة ،ومن الجدير ذكره أن هذه الخريطة تم استنتاجها عن طريق مشروع NOAA’s Science on a Sphere الذي يعتبر تجميع لبيانات رادار كوكب الزهرة الذي يُظهر تضاريس هذا الكوكب كما هي معروفة اليوم. كتبت NOAA: “يبدو أن معظم كوكب الزهرة مغطى بسهول متدحرجة بلطف و ترتفع منطقتان فوق بقية السطح ويشار إليهما باسم “القارات”.

لكن أشار بيرن أيضا إلى براون أن سطح الزهرة من المفترض أن يبدو مختلفا تماما بعد عمليات التعرية ووجود الماء والأنهار والبحيرات لكن في هذه الخريطة يظهر سطح الزهرة كما هو دون دون وجود الصفائح التكتونية التي توجد في أي كوكب يتوفر به محيطات والتي بدورها تؤثر على شكل القارات والجُزر. 

تصميم تجسيدي لما قد يبدو عليه شكل كوكب الزهرة ، مع المحيطات والقارات والسحب الشبيهة بالأرض. الصورة عبر Ittiz / Wikimedia Commons.

تجدر الإشارة إلى أن خريطة Dragonite-2 تساعدنا في استخدام خيالنا وإعادة عقولنا إلى الوراء في الوقت المناسب – أو إلى الأمام في المستقبل – عندما قد يكون كوكب الزهرة مكانًا مختلفًا تمامًا. كان بيرن يتحدث عن كوكب الزهرة في الماضي عندما قال:

على الرغم من أن كوكب الزهرة مع المحيطات لن يشبه إلى حد كبير خريطة Dragonite-2 إلا أنه من الممتع التفكير في الشكل الذي قد يبدو عليه كوكب الزهرة الأزرق في يوم من الأيام ، ولماذا تحول مناخه إلى عالم جهنمي كما هو عليه اليوم.

ويمكننا أن نتخيل كوكب الزهرة كعالم معاد تشكيله ، صُنع عن قصد ليكون أكثر ملائمة للسكن وشبيه للأرض،  ومن المعروف أن مفهوم تحويل الكوكب الجاف البارد إلى كوكب صالح للسكن شائع جدا بالنسبة للمريخ  وأنه أكثر الكواكب في المجموعة الشمسية شبها لكوكب الأرض إلا أن أمر إصلاحه سيكون في غاية الصعوبة فماذا عن كوكب الزهرة المختلف جدا عن الأرض !

لكن هذا لم يمنع بعض الناس من التفكير في الأمر حيث كان عالم الفلك الشهير كارل ساجان من الأوائل الذين اقترحوا طرقًا لاستصلاح كوكب الزهرة في عام 1961. وكان ساغان قد اقترح ملئ غيوم كوكب الزهرة بالطحالب، إلا أن ذلك لم يفِ بالغرض لأن الغلاف الجوي للزهرة سميكًا جدًا.

هذه الخريطة لكوكب الزهرة موجودة أيضًا عبر NOAA’s Science on a Sphere. تظهر بعض الميزات المسماة على كوكب الزهرة اليوم ، كما كشف عنها التصوير بالرادار.

يوجد أدناه فيديو رسوم متحركة قصير يصور كيف قد يبدو سطح كوكب الزهرة أثناء التحول التدريجي إلى عالم مائي:

من الطبيعي جدا أن تكون أكبر عقبة في إعادة تشكيل كوكب الزهرة هي محاولة عكس تأثير الاحتباس الحراري الجامح الذي تسبب في ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى درجات الحرارة القصوى التي نراها اليوم.

ذلك لن يكون سهلا حيث أنه سيتطلب كميات هائلة من الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة، وفقًا لبول بيرن ، قد يكون للزهرة المستصلحة بعض المزايا مقارنة بالمريخ الذي تم إعادة تشكيله، فإن كوكب الزهرة له نفس حجم الأرض تقريبًا بالإضافة إلى وجود جاذبية مماثلة وقد يكون من الأسهل إزالة ثاني أكسيد الكربون – الذي يشكل معظم الغلاف الجوي للكوكب ويسبب تأثير الاحتباس الحراري – من غلافه الجوي لتبريد الكوكب، بدلاً من إضافة الغازات إلى الغلاف الجوي الرقيق للمريخ لتسخينه. 

وأخيرا، على الرغم من أن خريطة Dragonite-2 في Reddit قد لا تكون دقيقة تمامًا إلا أنها تعطينا دافعا للتأمل وذلك لأنها تقدم لمحة مثيرة للاهتمام عن كوكب الزهرة كما لم نعرفه من قبل ، ولكن ربما كان موجودًا في الماضي. و- ربما فقط – يمنحنا رؤية لعالم قد يوجد مرة أخرى في المستقبل.

مقالات ذات علاقة