واحدة من أعظم المناظر التي يمكن الاستمتاع بمشاهدتها خلال عروض السماء الليلية هي الشهب وبالأخص الزخات الشهبية، هذه الشعلات الضوئية الوجيزة تذكرنا أن هناك العديد من الأجسام الصغيرة – أغلبها بحجم حبوب الرمل- تدخل الغلاف الجوي للأرض كل يوم وتحترق دون أن تسبب أي أذى. لكن السؤال القوي هل يقتصر ذلك الأمر على رؤية الشهب فقط أم يمتد إلى إمكانية سماعها أثناء احتراقها في الغلاف الجوي.
يشير البعض أحيانا -وخاصة بعد حدث الزخات الشهبية – إلى سماع صوت للشهب أثناء تحطمها في الغلاف الجوي، حيث انه بعض الشهب المشرقة الاستثنائية تم سماع صوت لها يشبه صوت الهسهسة – أو كصوت القلي .
لكن هل هذا الكلام صحيحا وهل ما سمعه هؤلاء الناس كان حقيقيا ؟ علماء الفلك أجابو أنه نعم، بالفعل الشهب لها صوتا مثل ما سمعه البعض.
لسنوات عديدة، لطالما رفض علماء الفلك المحترفون صوت الشهب معتقدين أنه مجرد خيال وأنه لا يمد للواقع بأي صلة، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه كما هو متعارف عليه أن الشهب تحترق على بعد 100 كم فوق سطح الأرض ولأن الضوء أسرع من الصوت من المفروض ألا يتم سماع دوي شهاب كبير على وجه الخصوص بعد عدة دقائق من رؤيته.
وعلى إثر ذلك سماع صوت يشبه صوت الرعد بعد رؤية وميض ضوئي قد حدث بالفعل، بحيث أنه بعد ظهور شهاب على ارتفاع 100 كم سيتم سماع صوت انفجار بعد مرور 5 دقائق ومثل هذا الجسم يطلق عليه اسم الشهاب الصوتي، أي أن الضوضاء الذي يحدثها مرتبطة بالدفع الصوتي.
لكن في بعض الأحيان يبدو أن الشهب تصدر صوتا في نفس الوقت الذي تظهر به، هذه الشهب يمكن رؤيتها وسماع صوتها في الوقت ذاته والتي أطلق عليها علماء الفلك مؤخرا مصطلح الشهب الكهربائية “electrophonic meteors”.
ويعتمد تفسير ذلك بشكل أساسي على أن مثل تلك الشهب تُصدر موجات راديو ذات تردد منخفض جدًا (VLF) ، والتي تنتقل بسرعة الضوء. على الرغم من أنه لا يمكنك سماع موجات الراديو بشكل مباشر ، إلا أن هذه الموجات يمكن أن تسبب اهتزاز الأجسام المادية الموجودة على سطح الأرض ومن الممكن أن تصدر صوتًا والذي قد تفسره آذاننا على أنه صوت تحطم الشهب.
تم اختبار تلك الفرضية بشكل أكبر خلال زخة ليونيد الشهبية في 18 نوفمبر 1999 حيث اكتشف الباحثون أصوات ذات موجات راديوية منخفضة VLF مميزة ، ووجدوا أيضًا أن العديد من الشهب التي لم تكن مرئية بالعين تم سماعها.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم الكشف عن شهب أكثر بـ 50 مرة من خلال أصوات ال VLF الخاصة بهم .
ومن الجدير ذكره على لسان أحد العلماء أن ما يجعل هذا مثيرًا هو أننا نتحدث عن ظاهرة عاشها الناس ربما لآلاف السنين. حتى في هذا العصر الحديث ، كان الأشخاص الذين يبلغوا عن سماع مثل هذه الأصوات يتعرضون للسخرية.
ومنذ حوالي 25 عامًا فقط، تم التمكن من إجراء البحث وإضفاء المنطقية على تجارب جميع تلك الأجيال من الناس.
تبين لنا هذه الظاهرة أنه لا يزال هناك عجائب في الطبيعة لم يتم التعرف عليها وفهمها بعد، لذلك يجب أن نأخذ هذه التجربة مع الشهب كسببا لفتح عقولنا وتقوية ملاحظاتنا لاكتشاف المزيد من الحقائق عن الطبيعة.