كان برنامج (SDSS) يرصد السماء لمدة عشرين سنة و خلال هذه الفترة الوافية استطاع جمع الملايين من الأطياف للعديد من المجرات. واستطاع هذا البرنامج – من بين ملايين المعلومات التي توصل لها خلال هذه الفترة الطويلة – أن يخرج بمعلومة تاجية ألا وهي النظرة الاستيعابية لمراحل تطور الكون خلال الإحدى عشر بليون سنة الماضية.
وفي مجموعة من 23 بحث في الأركايف والتي كانت نسبتها الأكبر تابعة لدراسات برنامج الـ(SDSS) وبالأخص المسح الطيفي الموسع (EBOSS) والذي بدوره قام بتصنيف أكثر من 4 مليون طيف للمجرات والنجوم الزائفة على أمل الوصول إلى طرف خيط للحصول على أي بصمة في الكون ترجع إلى السنوات الماضية.
التموجات في البحار البدائية
في بداية تكوين الكون، الضوء والأجسام كانا متشابكان ببعضهما البعض بحيث أنه إذا تحركت الجزيئات المشحونة تتحرك معها الفوتونات أيضًا. وعندما تنجذب البلازما نحو مناطق ذات كثافة أعلى ، تتمرد الفوتونات دافعةً الجسيمات المشحونة إلى الخارج مرة أخرى وعملية الدفع والجذب هذه ينتج عنها تفتل في البلازما الأولية .
عندما برد الكون بعد حوالي 380 ألف سنة بعد الانفجار العظيم تمكنت اخيرًا الأيونات من الارتباط بشركائها من الإلكترونات في لحظة أُطلق عليها اسم “إعادة الاتحاد”. ونظرًا لأن هذه المادة لم تعد مشحونة لذا فإنها انفصلت عن الضوء. أما الفوتونات الغير مرتبطة حولت إلى ما نعرفه الآن بإشعاع خلفية الكون (CMB) والتي تحمل معها تقلبات الطاقة الصغيرة العاكسة لاختلافات الكثافة التي كانت موجودة في ذلك الوقت.
وعلى نحو مماثل ، رغم توقف عمليات التفتل البدائية بالتزامن مع التوقف عن إعادة الاتحاد إلا أن هذه العمليات تركت بصماتها على الأجسام المنتشرة.
اتحدت الذرات مع الغبار والنجوم والمجرات بشكل تدريجي لكن البصمات القديمة بقيت على أكبر المقاييس الكونية .
من الطبيعي أن تنجذب المجرات إلى مجموعات وعناقيد إلا أن الدراسة التي أجراها برنامج الـ SDSS لنموذج من المجرات وجد أن المجرات تنفصل عن أقرب جار لها بمقدار 490.000 سنة ضوئية .
سد الفجو
كان ذلك في عام 2005 ، ولتأكيد ذلك لم يقم فريق من علماء الفلك التابعين ل EBOSS برصد الآلاف من المجرات والنجوم الزائفة بل الملايين منها. فضلًا عن استخدامهم لمسطرة قياسية لقياس معدل التوسع الكوني ولم يتوقفوا إلى هنا حيث قاموا أيضًا بقياس هذه المسطرة لمعرفة ما إذا تغيرت على مدى الوقت الكوني.
لدراسة الكون ولتعيبن أقرب كون على بعد 6 بليون سنة ضوئية يبدأ العلماء عادة من الماضي البعيد . قاموا بجمع أطياف من المجرات الحمراء الكبيرة بالإضافة إلى مراقبة المجرات الزرقاء الصغيرة. وأخيرًا ليتمكنوا من الرجوع إلى 11 بليون سنة إلى الوراء قاموا بترقب النجوم الزائفة التي تضيء بسبب المواد الكثيفة التي يبتلعها الثقب الأسود الهائل المركزي وتتفوق على مجرتها بأكملها.
ومن الجدير ذكره أن نتائج EBOSS هي تتويجًا لجهد هائل ، وتسوقنا إلى خريطة رائعة للكون.
وتملأ الكميات الهائلة من البيانات التي تم جمعها لمشروع EBOSS فجوة كبيرة بين رصد النجوم المتفجرة أو النجوم المتغيرة في المجرات القريبة نسبيًا وبين إشعاع خلفية الكون ، المنبعثة منذ 13.4 مليار سنة.
التعارض المتزايد
واحدة من أقوى النتائج لدراسة EBOSS هي إيجاد قياس جديد لثابت هابل- وهو قياس يكشف لنا سرعة توسع الكون الآن. وكان هذا القياس الجديد موضوع النقاش الشائع عند إيجاده لأول مرة. معظم القياسات البعيدة للكون البدائي كانت تظهر رقمًا أقل من هذا الجديد ولكن القياسات الأقرب للمجرات كانت تبين قياس أعلى من القياس الجديد.
قام فريق ال EBOSS بحسم هذا النقاش مقدرًا قيمة ثابت هابل بين 67.4 و 69.0 كم / ثانية / MPC وحصل فريق هذه الدراسة على نتائجه من قبل ال CMB. وتم اعتبار نتائج هذه الدراسة الأكثر دقة على الإطلاق إلا أن الأمر ما زال غامضًا حيث أنه كيف للقيمة الدقيقة ثابت هابل القدرة على تحديد مصير الكون وكيف يؤثر اختلاف الأساليب المستخدمة في قياس الكون على اختلاف القيم الناتجة عنها. وهذا كله بدوره يثير فضول الفيزيائين الذين أمضوا عقودًا في محاولة اكتشاف المادة المظلمة مباشرة وفهم الطبيعة الحقيقية لهذه الطاقة المظلمة .
كما أقر العديد من العلماء أنه على الرغم من زيادة جمع المعلومات والبيانات إلا أن الخلاف سيظل موجودًا والذي بدوره سيقوم بزيادة التعارض بين الطرق التي تستخدم قياس الضوء البعيد للكون البدائي والطرق الأخرى التي تستخدم الأجسام القريبة كعينات لتحليلها لاحقًا في المخطط الزمني الكوني.
وتعد قياسات التذبذب الصوتي في الباريون أكثر أهمية لأنها توفر معلومات حول كيفية تطور الكون بمرور الوقت والقيود المفروضة على كيفية تطور الطاقة المظلمة مع مرور الوقت .في الواقع ، تُظهر قياسات EBOSS أن الطاقة المظلمة لم تتغير بمثقال ذرة – مما يلغي فعليًا أحد التفسيرات المحتملة للاختلاف بشأن ثابت هابل.
وما زال غير معروف كيف سيتم حل هذه المشكلة لذا تعد هذه الفترة من الفترات المثيرة في عالم الكونيات.