تكوين القمر.. هل استغرق وقت أكثر من المدة المتعارف عليها

 

تبعًا لنظرية التصادم العملاق تبيّن أنّه يرجع تشكل القمر إلى اصطدام ثيا ( جسم بحجم كوكب المريخ) بالأرض منذ ملايين السنين عندما كانت الأرض لا تزال عبارة عن كرة منصهرة . وهذا الاصطدام لم ينتج عنه فقط تشكل القمر المتعارف عليه بل ويعتقد أيضًا أنه كان سببًا في انقسام نواة الأرض إلى نواة خارجية منصهرة ونواة داخلية صلبة. 

ولكن مازال هناك اختلاف حول الوقت الذي حدث به هذا التصادم العملاق وكم استغرقت فترة تكوين القمر. ففي دراسة حديثة بواسطة فريق من الباحثين الألمانيين تم التوصل إلى أن القمر قد تشكل من تأثير محيط الصهارة الذي استغرق أكثر من 200 مليون سنة حتى تجمد . هذا يعني أن انتهاء إنشاء القمر كان من حوالي 4425 بليون سنة أو 100 مليون سنة بالإضافة إلى الوقت المتعارف عليه لتشكّل القمر.

قبل حوالي 4 ملايين ونصف سنة عندما كانت الأرض لا تزال في مرحلة التشكّل وكان النظام الشمسي في فوضى عارمة تم قذف الكويكبات التي تشكلت أيضًا من القرص الكوكبي البدائي الأمر الذي بدوره أدى إلى اصطدامها بالأرض مما أضاف إلى كتلتها وجعل نواتها أكثر كثافة وسخونة.

ومع مرور الوقت هبطت العناصر الثقيلة نحو مركز الأرض الأمر الذي بدوره أدّى إلى تشكل اللب الداخلي الصلب من الحديد والنيكل. و في الوقت نفسه تم ذوبان الأجزاء الكبيرة لوشاح الأرض مشكّلةً  محيط صهارة. وعندما اصطدمت الأرض بجسم ثيا أصبح هذا المحيط على عمق آلاف الكيلومترات و معظمه تم قذفه إلى الفضاء. وهذه المادة المقذوفة إما تم امتصاصها من الأرض أو دمجها في مدار حول الأرض تمهيدًا لتشكيل القمر. وبهذا فإن جميع العلماء يتفقون على كيفية تشكيل القمر والظروف المساعدة في تكوينه ولكن نقطة الاختلاف بينهم تكمن في تفاصيل توقيت هذه العملية.

تعد عينات صخور القمر واحدة من أهم الأسباب التي أدت إلى الاختلاف بين العلماء حول تفاصيل نظرية التصادم العملاق. وعلى الرغم من إحضار العديد من عينات القمر بواسطة مهمات أبولو الستة و مهمات لونا السوفييتية إلا أنه لم يتم التوصل إلى عمر القمر الدقيق.

 يرجع تشكل محيط الصهارة على القمر إلى الطاقة التي تم الحصول عليها نتيجة تراكم المواد حيث يغطي هذا المحيط سطح القمر بأكمله بعمق 1000 كم  في ذلك الوقت، وبعدها بدأت هذه الصهارة بالبرود والتبلور سريعًا لتشكّل القشرة التي أثرت بتكوينها على عزل الصهارة تحتها وتبطيء عملية التبريد.

إلى وقتنا هذا لم يستطع العلماء معرفة المدة التي يستغرقها محيط الصهارة حتى يتبلور ويتجمد بشكل نهائي الأمر الذي بدوره أدّى إلى الحيرة في معرفة الوقت الصحيح لتشكل القمر. في نهاية المطاف ، وصل العلماء إلى نتيجة  أن محيط الصهارة في القمر استغرق ما يقرب 200 مليون سنة قبل أن يتبلور بالكامل ليشكل قشرة القمر وهذا يتناقض مع ما كان يعتقده العلماء سابقًا  أن الأمر لم يستغرق سوى 35 مليون سنة .

وأخيرًا وليس آخرًا، تتوافق نتائج الدراسات المؤخرة مع الدراسات السابقة في استخدامها لطريقة الرصاص واليورانيوم، بناءً على المعدل الذي يتحلل فيه اليورانيوم ليتحول إلى رصاص. وجد العلماء أن النواة المعدنية للأرض اكتمل تشكيلها في نفس الوقت تقريبًا الذي تشكلت به النواة المعدنية للقمر .

 ومن هذه الدراسات نتوصل إلى حقيقة أنه لمعرفة كيفية تشكّل أحد الأجسام في النظام الشمسي بإمكاننا الرجوع إلى الأجسام التي تكونت قبلها واستنتاج الحقائق منها وهذا هو الحال مع الأرض والقمر حيث أنهما كلاهما مرتبطان بشكل لا ينفصل عن الآخر.  

مقالات ذات علاقة