تم إطلاق المسباران الفضائيان التوأمان سبيريت وأبورتيونيتي في يناير عام 2004 حيث تم إنزالهما في جهتين متقابلتين من سطح الكوكب الأحمر. يشقان هذين المستكشفين الآليين أميالا على سطح المريخ حاملين معهما معدات علمية متطورة لاستكشاف جيولوجية السطح ولإنشاء ملاحظات تتعلق بالغلاف الجوي للكوكب.
وتوصل كلا المسبارين إلى ظروف بيئية قديمة في المريخ تدل على قابلية العيش فيه. واحد من أهم الأهداف العلمية لهذه المهمة هو البحث عن أكبر كمية لعينات من الصخور والتربة للاستدلال بهما على حقيقة النشاط المائي في الماضي على هذا الكوكب. هبط مسبار Spirit على فوهة جوزيف (Gusev Crater) التي من الممكن أن تكون بحيرة سابقة، وهبط مسبار أبورتيونيتي في المسطح الزوالي (Meridiani Planum) الذي يضم العديد من الرواسب المعدنية التي تدل على التاريخ المائي في المريخ .
تم دفع هذه المسابير إلى مركبة هبوط فضائية محمية بواسطة وسائد هوائية. عندما توقفا عن الدوران تم تفريغ وسائد الهواء وفتح مركبة الهبوط ومن ثم خرجت المسابير لالتقاط صور بانورامية والتي بدورها زوّدت العلماء بالمعلومات اللازمة لاختيار أهداف جيولوجية واعدة لتسرد لهم جزءًا من قصة الماء على سطح المريخ في الماضي. وبعدها انتقل المسبارين إلى مواقعهم لإجراء تحقيقاتهم العلمية عن كثب. ومنذ وصول هذين المسبارين إلى سطح المريخ قاما بإرسال مئات الآلاف من الصور المذهلة إلى الارض والتي تعد صورًا عالية الدقة وملونة تبين تضاريس سطح المريخ، هذا بالإضافة إلى الصور المجهرية المفصلة للصخور والتربة .
يتميز هذين المسبارين باحتوائهما على أربعة مقاييس طيفية مختلفة استطاعت جمع معلومات لا مثيل لها حول التركيب الكيميائي والمعدني للصخور والتربة الموجودة على سطح المريخ ،ويتميزان أيضًا باحتوائهما على أدوات خاصة لكشط الصخور علمًا بأنه لم يتم إرسال مثل هذه الأدوات من قبل إلى كوكب آخر، والتي بدورها مكنت العلماء من تفحص ما تحت أسطح الصخور الترابية لفحص تركيبتها الداخلية.
وبالمعلومات الصادرة عن المسبارين استطاع العلماء إعادة إحياء ماضي المريخ الذي كان مغمورًا بالماء. إن كل من سبيريت وأبورتيونيتي استطاعا إيجاد دلائل على ظروف بيئية رطبة من الممكن أن تكون برهانًا على وجود حياة ميكروبية على سطح المريخ.
كشفت الدراسة التي أجراها مسبار أبورتيونيتي عن أدلة تثبت وجود بحيرات بلايا التي تبخرت لتتحول إلى رمال كبريتية وبفعل تأثير الرياح والماء على هذه الرمال تم تحويلها إلى صخور مغمورة في أعماق المياه الجوفية . بينما كشفت دراسة مسبار سبيريت الذي هبط في فوهة جوزيف (Gusev Crater) عن ظروف بازلتية في المريخ بحيث أنه بعد وصوله إلى “كولومبيا هيلز” وجد العديد من الصخور التي تدل على أن تاريخ كوكب المريخ كان يتميز بالتفاعلات والتصادمات، والبراكين المتفجرة ، والمياه الجوفية .ومن الجدير ذكره أن مسبار سبيريت اكتشف صخورًا ذات طبقات دقيقة وجذابة من الناحية الجيولوجية مثل تلك التي عثر عليها مسبار أبورتيونيتي.
تجاوز كل من سبيريت وأبورتيونيتي عمر مهمتهما المخطط لها لمدة 90 يومًا إلى سنوات عديدة حيث إن مسبار سبيريت استمر 20 مرة أكثر من ما هو مخطط له حتى رجع إلى الأرض في 22 من مارس ،2010 بينما استمر مسبار أبورتيونيتي بالعمل أكثر من عشر سنوات من إطلاقه حيث حطّم الرقم القياسي للسفر خارج الفضاء في عام 2015.