تمكن مسبار إنسايت المريخي التابع لناسا من اكتشاف ميل دقيق تسبب به عبور قمر فوبوس – أحد أقمار المريخ- أمام الشمس.
وقد تساعد البيانات -التي ستنتهي في هذا الخريف- في تحديد عدد من الحقائق الدقيقة حول المريخ وفوبوس في حال استمرت مركبة الهبوط المريخية “انسايت“ بالعمل بعد انتهاء مهمتها الاولية التي استغرقت عامين. تجدر الإشارة إلى أن هذا الاكتشاف الجديد لمركبة انسايت هو مجرد نوع من العلم حيث أنه لم يكن مدرجًا في الأجندة المخصصة لها ولكنه مكافأة غير متوقعة تم اكتشافها من خلال البيانات الصادرة عنها.
يعد قمر فوبوس واحدا من أكبر أقمار المريخ والذي يدور في مدار قريب جدا منه، لكن أقرب من أي وقت مضى وذلك بسبب جاذبية المريخ التي تقوم بسحب القمر باتجاهه، وفي حال استمرار المريخ بذلك فإن فوبوس سيصطدم بالمريخ في المستقبل .ومع ذلك قمر فوبوس حاليا يدور ثلاث مرات في اليوم المريخي حول الكوكب الأحمر، وهذا بدوره يوفر العديد من الفرص لوقوع فوبوس بين الشمس وأي نقطة على المريخ كتلك التي تُدعى “Elysium Planitia ” والتي هبطت فيها مركبة الهبوط ” انسايت” عام 2018 .
وعند بداية هذا العام فقط، قرر الباحثون معرفة ما إذا كانت هذه المركبة تحمل معها شيئا غريبا لا يحدث سوى بضع مرات خلال السنة الواحدة، الأمر الذي بدوره أدى إلى تراكم البيانات لمدة عام تقريبا وبالتالي قام بزيادة الأمر تعقيدا. لكن انتبه العلماء لعبور فوبوس أمام الشمس الذي حصل في 24 أبريل والذي حدث في فترة الظهيرة مما يعني أن القمر سيعبر أمام قرص الشمس بشكل مباشر، لذلك يتوقع العلماء انخفاضًا بنسبة 30 ٪ في الضوء الذي يصل إلى المركبة ، أي ستة أضعاف الفرق من تعتيم بعض عمليات عبور القمر السابقة.
عند حلول الرابع والعشرين من أبريل في المريخ تفحص العلماء مركبة انسايت ووجدوا أن الألواح الشمسية للمركبة قد لاحظت انخفاض ضوء الشمس الذي يصل إليها. والأمر الأكثر غرابة هو أن مقياس الزلازل -مقياس المغناطيسية – للمهمة قد لاحظا فرقًا أيضًا.
في دراسة لأحد الباحثين تم التوصل إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى أن انتقال قمر فوبوس ليقع أمام الشمس قد يؤدي إلى حدوث نفس نتائج الكشوف الشمسي على الأرض كردود فعل الغلاف الجوي للظل المفاجئ، الأمر الذي بدوره يؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة وبالتالي خلق نظام ضغط منخفض رافعًا معه سطح المريخ قليلا.
لكن عند التعمق في البحث تم تفنيد ذلك التفسير واعتباره لاغيا ،وذلك لأنه في حال كان هناك ظاهرة جوية واسعة النطاق تلعب دورًا، فيجب أن يكون الباحثون قد اكتشفوا آثارها الجانبية فور ظهور فوبوس وهو يعبر الشمس كما يُرى من موقع قريب على سطح المريخ.
وتم حل ذلك اللغز بفضل اكتشاف تطابق لبيانات مقياس الزلازل التي تم جمعها في مرصد الغابة السوداء في ألمانيا.
في أعماق منجم مهجور منذ خمسون عاما للفضة والكوبالت تم إيجاد مجموعة من أدوات علوم الأرض بما في ذلك أجهزة قياس الزلازل المحمية جيدًا وبشكل خاص من التأثيرات الخارجية .
حيث لاحظ أحد العلماء التابعين لمرصد الغابة السوداء أن بيانات مركبة انسايت مألوفة بالنسبة له عندما ترك ضوءا مضاء بالقرب من مقياس الزلازل – والذي يوجد به مؤقت تلقائي يقوم بإطفائه طوال الليل -ومن ثم بعد بضعة أيام لاحظ أن مقياس الزلازل قد سجل تغييرا ولاحظ أيضا إمالة بسيطة كتلك التي اكتشافها على سطح المريخ، مما يشير إلى أن مقاييس الزلازل الحساسة المعزولة جيدًا ، مثل أجهزة انسايت وتلك الموجودة في الغابة السوداء ، يمكنها بالفعل اكتشاف ميل صغير في الأرض بسبب تحول الضوء إلى الظلام وتأثير التبريد المصاحب.
لذا أشار العلماء إلى أنه في نهاية المطاف إشارة مقياس المغناطيسية تعكس الانخفاض المفاجئ في الطاقة المتدفقة عبر الألواح الشمسية أثناء عبور القمر.
على الرغم من عدم وجود ظاهرة كبيرة وراء هذه البيانات ،إلا أن بيانات مركبة انسايت حول عبور القمر ستكون مفيدة للغاية. نظرًا لأن مقياس المغناطيسية يجمع البيانات على فترات زمنية قصيرة جدًا ، فإن بيانات انسايت ستسمح للعلماء بتحديد وقت تنقل قمر فوبوس بدقة شديدة ، وتحديد موقع القمر بدقة أكثر من أي وقت مضى.
من الجدير ذكره أن ملاحظات مركبة انسايت ليست الاولى والوحيدة التي ترصد عبور قمر فوبوس بل انها تعتمد على عقود من البيانات السابقة حول ذلك الأمر.حيث أن العلماء لديهم معلومات وبيانات مجمعة على مدى 40 عاما ، وعلى الرغم من أن هذه البيانات لن تحرك إبرة إلا أنها مفيدة جدا في معرفة طبيعة غشاء الكوكب الأحمر.
وعلى الرغم من اكتشاف انسايت الأخير، إلا أن مهمتها ستنتهي قريبا في حال لم تتخذ ناسا قرارا بتمديدها وذلك لان عمرها الافتراضي هو سنتان.